الاثنين، ٢٢ يناير ٢٠٠٧

وحدة فى الزحام

لطالما احب منظر السوق ساعة الظهيرة
و هو ملئ بالنساء من كل لون و شكل
لا يهمه ما يفعلن, فقط يطمئنه مجرد رؤيتهن
يسير كالتائه الهائم وسط الزحام
يبحث بينهن و يفتش فى وجوههن
عمن يجد فى عينيها عطف و حنان يحتويانه
ينسيانه حاله
سنه الصغيرة لم تسمح له بمعرفة لفظ "اليتيم
لكنه مبكرا عاش معانيها
يجزم انه لم تكن له ام من قبل, و له الحق, فهو لم يرها و لا يتذكرها بل لم يعرفها
لذا
فهو يعتقد انه دون البشر جميعا, ولد من الأرض
او هكذا يقول للأطفال من نفس سنه
فالأرض هى الحضن الوحيد الذى استقبله
و هو بزيارته للسوق, يتمنى ان يكون كباقى البشر
لديه من تحضنه, تقبله, و تعطيه الحلوى
فقط
ليس اكثر من ذلك
و لكن
ليس فى السوق من يلتفت اليه
فضئالة جسمه و نحافته يجعلان من السهل تفاديه
بل يجعل من الصعب رؤيته احيانا وسط الزحام
كما ان كل سيدة جاءت للسوق, لديها قائمة من المهام لا تحيد عنها
و ما غير ذلك فهو لا يعنيها
----
و لا يمل الصغير
فيعيد الكرة مرة بعد مرة
و يذهب
كل يوم فى رحلة امل جديدة الى السوق
و يجد سوقه خالية بالرغم من الأجساد المتلاصقة فى زحام شديد
و يعود
إلى الأرض, امه التى عرفها
يزيح الحصيرة و يلقى بنفسه على التراب
كأنما لا يريد ان يفصله عنها شئ
ينكمش كأنما يحضن نفسه
او كأنما يستشعر حضنها
و يحاول ان ينسى همومه
بالهروب الى نوم عميق
و حلم بمن يضمه و يحتويه
حلم بأم فى يوم ما